-->
»نشرت فى : الجمعة، 23 أبريل 2021»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

الأسد الذي لا يزأر / قصة للشاعر سلمان فراج/ مجلة الشعر العربي

 


قصة للأطفال - شعر

الأسد الذي لا يزأر
شادنُ قالت لما عَلِمتُ أنَّ معلمةَ الصفِّ تأخَرَتِ اليومَ عَنِ الحِصَّة:
عندي قصَّة ،
أحلى قصَّة..!
أحْكيها؟
هل أحكيها؟
عنْ مَلِكِ الغابةِ،... هل أحْكيها؟
إحكيها ،
طَبْعًا إحكيها يا شادن،
إحكيها... !
صاحتْ ميساءً وفاتن.
وتَجَمَّعَ باقي الصفِّ وقالوا:
إحكيها ... إحكيها يا شادن
وَقَفَتْ شادنُ في وسَطِ الدائِرةِ وراحَتْ تَحْكِي قِصَّتَهَا:
أمسِ فتحتُ التلفازَ على "دنيا الحيوانْ"،
كان البرنامَجُ عن أسدٍ يَتَجَرْجَرُ في مِشْيَتِهِ...
تعباناً تعبانْ
ويُهَمِّرُ...
غضباناً غضبانْ
قلتُ لنفسي:
" هذا أسدٌ جوعانْ
والأسدُ "مَليكُ الغاب" ، كما نعلمُ،
إنْ جاعَ فَوَيْلٌ مِنْهُ للإنسانِ ... وَوَيْلٌ منهُ للحيوانْ".
مرَّتْ مجموعةُ غُزلانٍ تَرْقُصُ،
فانْتَبَهَ الأسدُ الجوعانُ، وَوَقَّفَ ، واهْتَزَّ ، وشدَّ العيْنَيْنِ وهَمَّرْ
فارتَعَبَت ْمنه الغزلانُ...
وكشت عنه،
فزمجر،
فاحْتَرْتُ، وخِفْتُ عليها منهُ،
وقلتُ لنفسي وانا أَرتجفُ منَ الخوفِ:
"أَلوَيلُ الويلُ لها!
إِن طارَدَها ... سَيُنَتِّفُها،
إِنه جوعانُ وغضبان" ،
ورَجَوْتُ اللهَ بِأَنْ لا يتحرَّك هذا المَخْلوق المُرعبُ حتَّى تبعُدَ عنه الغزلان.
لكنَّهُ لم يَهْجِمْ مثلَ أُسودِ الغابِ، ولمْ يزأَرْ،
حاولَ أَنْ يفعلَ،
لكنَّه لم يفعلْ.
قامَ وبَحْلَقَ فيها،
ثمَّ تَجَرْجَرَ، ثمَّ تجرْجر
ثمَّ تَمايَلَ كالسَّكْرانِ ، وناخَ، وهَمَّر.
لكنَّه لم يزأرْ أَبَداً لم يزأرْ
ظلَّ يُهَمِّرُ، ظلَّ يُكَشِّر،
يَنْفُشُ شَعْرَهُ، يَنْفُخُ صَدْرَة،
يُشْعِلُ عَيْنَيْهِ منَ الغَيْظِ ، ويَفْغَرُ فَكَّيْهِ،
وَهوَ مكانَهُ لم يَتَزَحْزَحْ،
مَا لَحِقَ الغزلانَ، ولا طارَدَها،
بلْ ظَلَّ مكانَهُ
لا يتقدَّمُ ... لا يتأخَّرُ ... لا يزْأَر
حَدَّقَتِ الغِزْلانُ قليلاً
ثمًّ مَضَتْ تتراقَصُ في البَرِّيَّةِ في مرَحٍ، كَالأَوَّلِ أو أكثرْ.
فَارْتَحْتُ،
حَمَدْتُ اللهَ... حمدتُ اللهَ
فقد خِفتُ عليها...
خِفتُ كثيراً
لما كشَّرَ واهْتَزَّ وزَمْجَر.
مرَّتْ مجموعةُ غِزلانٍ أُخْرَى،
ما خوَّفَها.
كم كشَّر! كم همَّرَ! كم زَمْجَر!
كم وقَّفَ واهْتَزَّ ورَجَرْجَ قامَتَهُ،
لكنَّه لم يَزْأر
ما أَثًّرَ فيها أَبَداً ! ... ما أَثَّر.
مرَّتْ مجموعةُ أبقارٍ ومَضَتْ،
وقطيعُ وُعُولٍ مرَّ،
ومَرَّتْ مجموعاتُ ذِئَابٍ،
وضِبَاعٌ ونُمورٌ مرَّتْ، وحَيَواناتٌ مرَّتْ ومضتْ عنهُ جميعاً...
ما خافتْ منه،
ما اهتَمَّتْ قطُّ ولم تَحْذَرْ
وأنا حائرةٌ !
كيف يكونُ الأسدُ مليكًا للبَرِّ ولا تهتمُّ له حيواناتُ البرِّ؟
ولا يزأر؟
كيف يجوعُ ولا يصطادُ؟
ولا يأْتِيهِ أحَدٌ بالأَكلِ، وحتى
لَوْ كَشَّرَ أو همَّرَ أو زمجر؟.
سمعَ الأولادُ معلمةَ الصفِّ وهْيَ تقول:
" مِشْ مَعْقُولْ" ...!
ما أَطْيَبَكُمْ!
"مِشْ مَعْقُولْ" ... !
شكراً ... شكراً
هذا صفٌّ ممتازٌ!
هذا الصَّفُ مَهُول!
سَكَتَ الكُلُّ فَقالَتْ:
ما رأيُكُمُ في قِصَّةِ شادن؟
هل هذا معقولْ؟
"مَلِكُ الغابةِ جَوْعانٌ،
لا يَقْدِرُ أنْ يصطادَ ولا تَهْتَمُّ له الحَيَواناتُ ولو هَمَّرَ... أو زَمْجَرْ ؟!"
ما رأيكُمُ؟ هل معقول؟!
تأليف الاديب والشاعر سلمان فراج

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة أكاديمية الشعر والأدب العربي الحديث 2014 - 2015