بداية /
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠
مع قيمة الكتاب المطبوع ٠٠!!
وَخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كِتابُ - أبو الطيب المتنبي ٠
عزيزي القارىء الكريم ٠٠
إن القراءة الحرة التي تجمع بين الثقافة و الفنون الجميلة أضف إلى التخصص العلمي الذي يفتح نوافذ الحياة أمام كل مطلع نحو المعرفة الإنسانية هكذا ٠٠
من خلال الاستعداد و الموهبة نحو القراءة الفاحصة و الناقدة داخل عناصرها الفنية في إطار العملية الإبداعية و تحليل المقاطع و الوقوف على الفكرة لكل موضوع و استخلاص عمق التجربة وسرد مقوماتها مع التركيز على الأدوات المساعدة للقراءة الممتعة في نظرة تأملية فلسفية جمالية لها رؤية تكوين شخصية و هوية وعبقرية صاحبها ، و الكتاب الورقي المطبوع كان ملازما لكل منتمي إلى المعرفة و القارىء الجيد أيضا ٠
و الآن حل مكانه الكتاب الإلكتروني و النت و مصادر بمثابة قشور لا تسمن و لا تغن عن فقدان رسالة الكتاب المطبوع بالتأكيد ٠٠
و إذا ما كنا نفرط فيه و نقدم وجبات الغداء الفاخرة من أجل المعدة ، و في المقابل نتجاهل و نتساهل في حق الذهن و عدم تزويده بالكُتب المتنوعة فهذا مؤشر خطير للأمة التي استسلمت للحداثة و بعدت عن روح الأصالة و اقتناء الكتاب المطبوع الورقي تاجها المرصع بالجواهر و نتحجج بارتفاع الأسعار و قلة الوقت و الجهد هلم جرا ٠
فعلى الكل أن يراجع نفسه و يصاحب الكتاب تارة أخرى فهو الحل و المنقذ ٠
و لأهمية دور الكتاب في حياة البشر أنزل الله عز وجل الكتب نور وهداية للناس و أمرهم بالنظر و التأمل و التدبر و التفكر عن طريق العلم و القراءة ٠٠
و من ثم كانت كلمة البداية ( اقرأ ) شعار القراءة و التعلم لإدراك الحقيقة و فهم التكليف ٠
و لذا اعتذر الصاحب ابن عباد عن توليه الوزارة حيث لا يستطيع مغادرة خزانة الكتب حتى ظهر كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الذي حمله معه في حله و ترحاله ربما لأنه شبه موسوعة ألمت بكل طرف في جوانب المعرفة ٠
وقد صدق شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي حينما أعلى من قيمته في قوله :
وَخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كِتابُ
و يقول الجاحظ عن الكتاب :
(وعاء مليء علماً، وظرف حيي ظرفاً.. والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملك، والناصح الذي لا يستزيدك).
و أخيراً أرى أن الكتاب هو ضمير الإنسان الذي يحمل بين جوانبه روحا وجسدا و فكرا ووجدانا و يختصر رحلة الزمان و المكان بل عنوان لتلك الحياة المفعمة بالعلوم و الآداب و الفنون و المعرفة و الثقافة التي من إنتاجه الملهم من خلال التأملات و النظرة الفلسفية الجمالية دائما ٠
و نختم بتلك الأبيات ،
و لله در قائلها أمير الشعراء أحمد شوقي ، حيث أحسن في وصفه لصُحبة الكتاب :
أنا من بدل بالكتب الصحابا لم أجد لي وافيًا إلا الكتابا
صاحب إن عبته أو لم تعب ليس بالواجد للصاحب عابا
كلما أخلقته جددني و كساني من حلى الفضل ثيابا صحبة لم أشك منها ريبة ووداد لم يكلفني عتابا
رب ليل لم نقصر فيه من سمر طال على الصمت و طابا
كان من هم نهاري راحتي و ندامى و نقلى و الشرابا ٠
نعم الكتاب المطبوع الورقي يا سادة : هو طوق نجاة لهذه الأمة المفترى عليها أمة اقرأ ٠