JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Startseite

تحليل لنص/اغنية خرساء للشاعر علي عمر /بقلم الاديبة ليلى كو / مجلة الشعر العربي


 تحليل وتعليق على النص//اغنية خرساء//بقلم الشاعرة والاديبة ليلى كو

أغنيةٌ خَرساءُ
دُموعُ شوقي المُرتجِفِ المذعورِ
تُغلِقُ جفنَيها بخجلٍ و حيرةٍ و إحساسٍ مبتورٍ
كغيمةٍ عِشقٍ ثكلى
في سرمدٍ من ظلامِ الحُزنِ أبكَتِ السَّماءَ
بالكادِ تتنفَّسُ
حُبلى بالسَّرابِ
مُرهَقةٌ منْ عويلِ الغُبارِ
منْ شدَّةِ السُّعالِ المُختنِقِ بمَرارةِ الضَّياعِ
كأنينِ روحي المنفيَّةِ منْ جسدي
تُكفِّنُني بأوجاعي
بصمتِها المُفجِعِ
تُجهِضُ احتضاري بعدَ مَخاضٍ عَسيرٍ
على وِسادةِ حنينٍ عاقرٍ مُعصَبِ العينَينِ
سنابلُ قمحِهِ المُمتلِئةِ بالشُّجونِ
تنحني أمامَ مناجلِ فراغِها الحالِمِ
تُكحِّلِ أهدابَ ليلي الهاربِ منٍ لُهاثِ الأرَقِ
منْ لدغاتِ عَقاربِ ساعةٍ صَدِئةٍ
أعياهُ وهمٌ ضريرٌ أنجبَتْهُ أغنيةٌ خَرساءُ
✍️ علي عُمر
النص الشعري “أغنية خرساء” للشاعر علي عمر هو لوحة وجدانية معقدة تمتزج فيها الصور الرمزية بالمشاعر الإنسانية العميقة، ليجسد الشاعر عبرها حالة من الألم والاغتراب الداخلي والتناقضات النفسية التي تنهش الروح.
تحليل النص:
1. العنوان “أغنية خرساء”:
يختزل العنوان حالة الصمت القسري والمشاعر المكبوتة، الأغنية التي يفترض أن تكون وسيلة للتعبير والتحرر من الألم، هنا خرساء، مما يعكس عجز الروح عن البوح أو التواصل، وكأن الشاعر يحاول إيصال صرخة داخلية مكتومة لا تجد طريقها للخروج.
2. الصور الشعرية:
• “دموع شوقي المرتجف المذعور”: استخدام الاستعارة هنا يوحي بالخوف والاضطراب، دموع الشوق ليست مجرد قطرات، بل هي مشاعر تائهة مذعورة تخشى الخروج أو البوح، وهو ما يعزز من ثيمة القلق وعدم اليقين.
• “غيمة عشق ثكلى”: تجسيد العشق كغيمة ثكلى (فاقدة) يجسد الألم المستمر والعجز عن إشباع هذا الحب، فالغيمة التي يُفترض أن تحمل المطر والحياة، هنا تُبكي السماء بدلاً من أن تروي الأرض، مما يعكس الخيبة والحنين الذي لا يجد متنفسًا.
• “سرمد من ظلام الحزن”: توظيف كلمة “سرمد” التي تعني الأبدية، ليصف حالة من الحزن الدائم المستمر الذي لا نهاية له، وكأن الألم أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة.
• “تجهض احتضاري بعد مخاض عسير”: هنا تتجلى قسوة الشعور بالعجز عن الانتهاء أو الموت حتى، فالشاعر يعيش حالة احتضار متكررة دون الوصول للنهاية، والاحتضار نفسه يتم إجهاضه بعد معاناة، وكأن الألم والضياع هما السمتان الغالبتان على حياة الشاعر.
• “على وسادة حنين عاقر معصب العينين”: الحنين نفسه هنا عاقر، عاجز عن الإنجاب، مما يضفي بعدًا مأساويًا على المشاعر، فالشاعر ينام على وسادة ممتلئة بذكريات وأحلام غير مكتملة، معصب العينين، أي لا يرى أي أمل في المستقبل، مما يعمق الإحساس بالعجز.
• “سنابل قمح ممتلئة بالشجون”: استخدام صورة السنابل يدل على الامتلاء بالحياة والطموح، ولكنها تنحني أمام الفراغ، مما يوحي بتناقض كبير بين ما يُفترض أن يكون وما هو عليه الواقع، فالسنابل ممتلئة، لكنها تحمل همومًا بدلاً من أن تكون رمزًا للحياة والازدهار.
• “لدغات عقارب ساعة صَدِئة”: الزمن هنا متوقف، أو لا يسير بالشكل الصحيح، مما يعكس شعور الشاعر بالجمود والركود في حياته، حيث كل شيء يتآكل دون أن يتغير، وكأن الشاعر محاصر في حلقة مفرغة من الألم والانتظار.
الشاعر علي عمر يبدع في رسم لوحات شعرية معقدة ومتشابكة تعكس أوجاعًا نفسية عميقة وحالات إنسانية وجودية مؤرقة. النص ليس مجرد شكوى من الألم، بل هو تصوير حي لرحلة داخل الذات، تلك الرحلة التي تتأرجح بين الشوق المكبوت والواقع المخيب.
لقد أبدع الشاعر في توظيف الصور المركبة والألفاظ العميقة، ليعبر عن انكساراته بكلمات حية تشع بالألم والجمال معًا. هذه القصيدة تعكس قدرة الشاعر على نقل القارئ إلى عالمه الداخلي المضطرب، حيث لا يوجد ملاذ سوى الاستمرار في احتضان الأحلام المجهضة والمشاعر المختنقة.
ليلى كو
NameE-MailNachricht